صوفيٌّ بعمامةِ
بني عثمان حين يدير وجههُ جنوباً صوب أممٍ من الغيبيّاتِ مثقلةٍ بسطوة قرونٍ طوالٍ
من الجدل على الأحقيّة بالجبّة والعمامة, ومنهمكةٍ بدَرءِ الإفكِ عن نظريّةٍ لا إفكَ فيها ولا من
يحزنون, فيرتدي كُرمى لِحُلمِهِ العتيق وجهاً وديعاً "خادعاً" يناسبُ
انقيادَ الخلائق الآنفة الذّكر خلف رائحةِ بخّوره وسِواكِهِ , والعمى إنبهاراً
بالكحل الربّانيّ في عينيهِ, يطوف هنا وهناك لإشباع مسمعيه بعبارات الاستجداء
والاستنجادِ كخليفةٍ للأمّة وأميرٍ للمستضعفين, وليطمئِنَ ذاتَهُ بارتفاع راياته
المصبوغة بالدّم في إماراته الافتراضيّة التي كانت يوماً ما تُرفَعُ راياتُهُ فيها
على الخازوق.
في الحقيقة هو
طبلٌ يصمّ المسامع بثرثرته وجعجعته, تارةً هو الناصر والفاتح لبيت المقدس ذارفاً
على أطفال غزّة نهورُ دمعٍ من الزّيف, نِفاقاً ليس إلّا. وتارةً هو مُخلّص أرض
الشّام من صديقه الطاغية, وحامي حِماها, و راعياً لذقونٍ قميئةٍ تضمر الضغينة
وتخفي سيوفاً لإشهارها على حين غرّة. واليومَ يشرّق صوب القرن الجائع متصوملاً, لابساً
قناع الورع والتّقى, ليخفي بذلك وجه الثعلب المسخ الذي هو, لم يتوانى عن القفز
كمهرّجٍ بين تونس والقاهرة و طرابلس ودمشق, ومحاولاً إطلاق يده في غربي كردستان
وجنوبه, ليطمَئِنّ إلى كعكته في كلّ محيطه وما سيؤول إليه هذا المحيط, لِمَا لا
وهو يؤسّس لاستعادة أمجاد الخوازيق.
تراه يُبدّل قناعه
وقناعته حين يستدير غرباً ليُثقل عليه حلمٌ آخر لا تقلّ حرقةُ تحقيقه عن حرقة
تحقيق الحلم الأوّل , يقبض على قلبه ويحزّ في نفسه, وهنا يخلع الجبّة ويفصّل
قناعاً مغايراً يرتديه في حضرة أسياده من أصحاب الحداثة الرأسماليّة, منبطحاً
أمامهم في محاولة إلحاق الجغرافية بصغرى المنظومات القاريّة وكبراها انتظاماً.
بعد صولاته
العديدة وحين يلتفت إلى داخله ويعود إلى بيته,يخلع جميع أقنعته ويكشّر عن قبحه,
ليتبدّى وجه أردوغان الحقيقي من دون حجبٍ أو أقنعة, ويدان تحترفان الجريمة,
تتلطخان بطُهر الدماء الكرديّة, لا يلقي أسماعاً لكلّ نداءات السّلام ودعواته من
قائدٍ مقاوِمٍ في زنزانةٍ فرديّة معزولة, منذُ سنين. بل مستمرٌّ في بطشه وتنكيله,
وقتله لأيّة مبادرة سلميّة جادّة من طرف حزب العمال الكردستاني , الّذي أثبت ويثبت
رغبته الحقيقيّة في وضع حدّ لإراقة الدماء, وهنا ينكشف من هو المسالم ومن هو
الإرهابي, ومن هو متعطّشٌ للحريّة والسلام ومن هو المتعطّشُ للدماء, فالحملات
العسكرية الوحشيّة الأخيرة التي شنّها وما زال يشنّها أردوغان وعصابته على أراضي
جنوبي كردستان ومعاقل المقاتلين الكرد المناضلين, لهي صورة حقيقيّة تعكس مدى
عنصريّة الإدارة التركيّة وشوفينيّتها, وحجم الحقد الأسود الذي يصمّ أردوغان
ويعميه, لا بل هو الأعمى بنشأته وتركيبته النفسيّة, ومُصمَّمٌ كقاتلٍ ومجرم, في
عالمٍ أصمّ وأعمى, لا يسمع ولا يرى حقيقة هاتيك الانتهاكات الصارخة لحياة الكرد
وحقوقهم, ولن أقول لحقوق البشر, لأنه ما من آدمي على وجه البسيطة انتُهِكَ بالصورة
التي يُنتهكُ بها الكُرد. إنّ قتل الكرديّ من البدهيّات في امبراطوريّة أردوغان
الفاشيّة, ليس هذا فحسب بل ثمّة حرب إبادة عرقيّة تشمل كل جوانب الوجود الكردي على
أرضه, فالكرديّ محارَبٌ في ذهنيّته, ومحارَبٌ في هويّته وثقافته ولغته وتاريخه,
دعوني أقولها بعاطفةٍ مشحونة: " إن طالب الكرديّ بهويّته فهو إرهابي"
ولسوف تمطره طائرات المجرم أردوغان بقذائفه حتّى لو كان في عقر داره, أو في
سيّارته مع زوجته وأطفاله وأبَوَيه الطّاعنَين في اجتراع مرارة الحياة من كؤوس
الأسى, آخر اعتداءات الطاغوت أردوغان كان منذ أيامٍ حيث حوّلت قذائفه الغادرة
أجساد عدد من الكرد, رجالاً ونساءاً وأطفالاً إلى أشلاء متناثرة متفحّمة, فضلاً عن
استمراره في عمليّات التمشيط السّافرة التي يشنّها عديم الأخلاق وآلته العسكريّة
على مناطق الدّفاع المشروع التّابعة لقوّات حماية الشّعب الباسلة.
لن تكون العاطفة
مشحونةً باليأس أبداً, فهناك في القِمم أبطالٌ لا يقبلون مطلقاً بأن يتمادى
أردوغان في إرهابه, ولن يسمحوا بأن يتجاوز به الغيّ في استهدافه للمدنيّين العزّل
أينما كانوا وعلى أيّة بقعةٍ ينبضُ فيها قلبٌ كُرديّ.
أحمد يوسف
25/8/2011
No comments:
Post a Comment